لم يكن الإسلام بوصفه دينا ومنظومة حضارية حية ليحوز كل هذا الاهتمام والمتابعة لولا احتواؤه على عناصر ومقومات ذاتية تؤهله ليحتل هذه الرتبة المتقدمة، سواء بين الأديان السماوية أو بين الشرائع والمنظومات الوضعية. وقد عرفت الدراسات والأبحاث المتناولة للإسلام إثر انهيار المنظومة الشيوعية تزايدا مطردا لجهة بلورة رؤية واضحة عن البديل الحضاري أو التحدي الجديد الذي بات الإسلام يشكله للمنظومة الغربية برمتها.
وإذا كانت الدوافع السياسية والاقتصادية قد لعبت دورا مهما في تضخيم الجوانب السلبية من حياة المسلمين ووسمها وإلحاقها بدينهم، فإن التركيز على الدوافع السياسية والاقتصادية ينبغي ألا يبخس من حق الإسلام ومقوماته الذاتية التي آلت أخيرا إلى تبوئه المرتبة الأولى عالميا من حيث عدد الأتباع.
في ضوء المعطيات المتقدمة، يطرح هذا الكتاب حوارية ذات موضوع شديد التعقيد، يتعلق باستشراف مستقبل الإسلام في كل من الغرب والشرق، في ظل التحديات التي يواجهها داخليا وخارجيا، وفي ضوء المعطيات والمقومات القائمة ومدى قدرة المؤثرات والظروف المحيطة على تحفيز أو تثبيط الاندفاعة الكبيرة التي يشهدها نمو المعتنقين للإسلام اليوم